رحلت عن عالمنا الفنانة الكبيرة نادية لطفي، إثر تعرضها لوعكة صحية أفضت إلى نقلها لغرفة العناية المركزة. وما أن استقر الوضع طمأنت الجمهور برسالة صوتية قالت فيها: «النهاردة أحسن من أمس بالنسبة للنزلة الشعبية، ودرجة الحرارة نزلت»، إلا أن الأمور تطورت بكشل لم يتخيله أحد.
قبل وصولها إلى هذه المرحلة، مرت «نادية» بعدد من الظروف التي غيرت مجرى حياتها منذ الصغر، فمن حبها للرسم وممارسة الرياضة، ومشاركتها في الغناء داخل المدرسة، لم تتصور أن يكون التمثيل هو مستقبلها، خاصةً وأنها اكتفت بحب نجوم هذه الفترة.
ويستعرض التقرير التالي 27 معلومة عن الفنانة نادية لطفي، حسب المنشور بقاعدة بيانات السينما، وما صرحت به في حواراتها مع مجلات
وُلدت بولا محمد لطفي شفيق في 3 يناير 1937 في حي عابدين بمحافظة القاهرة، وحمل وجهها ملمح أوروبي ما دفع البعض للاعتقاد بأنها من أصول غير مصرية، وعن هذا قالت: «أنا مصرية مائة بالمائة، فالأهم من الشكل والمظهر هو أن أكون مصرية بأحاسيسي، وعائلتي فيها الكثير من الذين هم من أصل تركي، أما أنا بالذات فإنني مصرية بالأصل والنسب والإحساس».
ببلوغها سن العاشرة وقفت على مسرح المدرسة أمام الجمهور لأول مرة، لكن التجربة لم تكن طيبة بعد نسيانها نص الحوار المطلوب منها إلقائه، ومن ثم اعتقدت أن التمثيل ليس بهوايتها المناسبة.
مارست بعدها عدد من الهوايات، فتروي: «في طفولتي كنت أحب الرسم وأهتم بالتطريز، لكن هوايتي الكبرى كانت الرياضة التي داومت على ممارستها في المدرسة، وكنت متفوقةً دائمًا فيها على زميلاتي».
ولم يرق لـ«بولا» الغناء في هذه الفترة، فتعمدت معلمة التربية الموسيقية أن توقفها بعيدة عنها، واعتقدت الصغيرة أن ما يحدث معها هو اضطهاد، لكن تصورها تغير حينما كبرت: «فهمت أن المدّرسة لم تكن تضطهدني بل على العكس، كانت هي التي تتضرر عندما توقفني على مقربة منها لإزعاجي لها بصوتي النشاز».
انشغلت فيما بعد بالتصوير الفوتوغرافي والكتابة، فهذه الأنشطة لم يتخللها الفن نهائيًا، وهو التوجه الذي تمثل فقط في مشاهدة الأفلام السينمائية العربية كغيرها من الفتيات والسيدات.
كانت الصغيرة معجبةً بشدة بالسيدتين فاتن حمامة، التي جمعت صورها في ألبوم خاص، وتحية كاريوكا، بجانب كمال الشناوي ومحمود شكوكو، والذي تقول عنه: «منذ صغري وأنا أحب لونه الفني، ربما كان ذلك لأنه يعبر عن الملامح المصرية الأصلية بالإحساس والكلمة، وحتى بالابتسامة الطيبة».
في نهاية خمسينيات القرن الماضي كانت أسرة «بولا» على علاقة بالسيد جان خوري، وهو مالك أحد أكبر شركتين للإنتاج السينمائي وقتها، ومن باب الود الدائر كان الأخير يدعوها في أحيان كثيرة لمشاهدة أحد الأفلام التي ينتجها، وبعد نهاية العرض يمازحها: «أنتي أجمل وأحسن من بطلة الفيلم».
ورغم عدم أخذها للجملة على محمل الجد إلا أن القدر غير مسار حياتها، ففي منزل جان خوري التقت بالمنتج رمسيس نجيب، والذي عرض عليها أن تكون ممثلة سينمائية في أفلامه، وهنا قالت لنفسها: «ولِمَ لا».
بموجب المقابلة الأخيرة أصبحت «بولا» بطلة لفيلم «سلطان» مع «ملك الترسو» فريد شوقي في عام 1958، وهو من إنتاج رمسيس نجيب الذي غير اسمها إلى نادية لطفي، اقتباسًا من شخصية الراحلة فاتن حمامة باسم «نادية» في فيلم «لا أنام».
وعن تجربتها الأولى تروي: «كنت خائفة جدًا ومرعوبة، وأعتقد أن فترة الإعداد والتدريب التي خضعت لها قبل تقديم أول دور لي هي السبب في نجاحي، فكان التركيز على أن أظهر في ثوب خاص بي بشكل فني جديد يختلف عن كل النجمات، فوجدت المخرج نيازي مصطفي مركزًا على إظهار ملامحي المختلفة عن النجمات الأخريات، أما خشونة الصوت حلّها أستاذ الإلقاء عبدالوارث عسر، كما أن الشاعر الصديق كامل الشناوي ساعدني في السيطرة على نطق الحروف، بعدما كنت أنطق القاف كاف».
اعتبرت «نادية» مشاركتها للعندليب عبدالحليم حافظ في فيلمي «الخطايا» و«أبي فوق الشجرة» بمثابة حظ سعيد لها، خاصةً أن العملين ساهما في انتشارها بشكل أكبر: «هو محبوب من الجماهير وجعلني أكثر شهرةً وقربًا من الناس».
إعجابها المفرط بكمال الشناوي في صغرها لم يربكها أمامه حينما شاركته في بطولة 6 أفلام: «عندما وقفت أمامه كممثلة لم تكن عندي مشاعري التي كنت أحسّ بها، كنت أمامه كنادية لطفي ولست البنت بولا التي تكتب له الرسائل، ولكن مع الوقت، ومع زوال الحواجز بيني وبينه اعترفت له أنني كنت أقطع صوره من الصحف وأضعها تحت الزجاج في مكتبتي في غرفة نومي».
هي أول سيدة تدخل قشلاقات الجيش المصري بمنطقة العباسية، فخلال تحضيرها لتجسيد شخصية «لويزا» بفيلم «الناصر صلاح الدين» تعلمت فنون الفروسية.
اعترفت «نادية» بعدم رضاها عن بعض الأعمال في مسيرتها، فرغم عدم ندمها إلا أن الضيق انتابها، ولم تملك سوى تلافي الأخطاء التي اقترفتها حتى تتجنبها حسب روايتها.
هي من عشاق «كوكب الشرق» أم كلثوم، وتندمج مع أغنياتها بشكل سريع وفق اعترافها: «هي تقول إنت عمري ألاقي نفسي منسجمة جدًا، تغير تقول هجرت ألاقي الحكاية اتقلبت معايا».
ترى أن السينما لا تمثل المرأة المصرية، فما يُعرض على الشاشة هي نماذج من شريحة واحدة موجودة، لكنها ليست معبرة عنها: «مصورة على إنها وصولية ومنحرفة تتعاطى المخدرات وتخون وتق@تل، هي ليست كذلك، ولا هي الأم التي أراها أو الابنة أو الجارة».
رغم دعمها لثورة يوليو وللرئيس الراحل جمال عبدالناصر، الذي كرمها عن دورها في فيلم «الناصر صلاح الدين»، إلا أنها شاركت في فيلم «وراء الشمس»، الذي حملت أحداثه إدانة لمرحلة الستينات، وعن هذه المفارقة قالت: «أنا لست مع حقبة معينة ولست ضد حقبة بعينها، لكني مع الإنسان في كل زمان ومكان، وأنا ضد أية انتهاكات لحقوق الإنسان في الماضي أو الحاضر أو المستقبل، لذلك عندما جاءني هذا الفيلم قبلت العمل فيه رغم وقوعه في مأزق إلقاء الأحداث على فترة بعينها».
نادية لطفي قالت: معرفش أحب الرؤساء الحكام رجال بلا ملامح، ولا أتعامل معهم بمنطق الحب والكره، ماليش دعوة بالحاكم أنا برصده وبشوف أعماله،
كادت النجمة المصرية نادية لطفي، خلال تواجدها بأحد المستشفيات للعلاج، وصرحت أنها عاصرت أكثر من حاكم لمصر، وأنها لم تحب ولم تكره منهم أحدا. أنا برصده وبشوف أعماله، وعلى أساسها أحط له الأرقام وأقيمّه.
النجمة المصرية أضافت، النكسة دمرتني، النكسة كانت مصيبة سودة غيّرت الدنيا، وفى هذا الوقت كان يثار ما يسمى بتجنيد الفنانات.
وكان موجود حقيقي، بس أنا كنت في شغلي ومحدش أزعجني للأمانة،و قال لى شىء أو عرض على حاجة.
وعن أقوى ممثل وقفت أمامه قالت: رشدي أباظة كان مجرم فى التمثيل ومن السيدات اعتبر أمينة رزق كون كامل فى المسرح والسينما والتليفزيون والإذاعة، هذه السيدة حضرت الفن في أشكاله المتطورة ومارسته فى كل مرة بنجاح كبير.
أعلنت «نادية» اعتزالها الفن، وقالت «أنا أخذت قرار الاعتزال لأنني قدمت من خلال مشواري الفني كل ما أحلم بتقديمه، وليس لدي أحلام لم أحققها في عملي أو أعمال كنت أتمنى تقديمها، وفضلت أن أترك المجال لزهور جديدة تتفتح».